السبت، 29 سبتمبر 2012

امريكا و سوريا - العلاقة الحميمة




نشرت جريدة الجماهير في استراليا في 12/4/1976 ما يلي
حضر رفعت الاسد الى مدينة جونيه وعقد اجتماعا ضم كلا من (دين بروان) مبعوث الرئيس الامريكي وعدد محدودا من قادة اليمين المسيحي في لبنان و خرج المجتمعون بالاتقاق التالي
1-دعم وم
ساندة النظام السوري و السماح للمخابرات الامريكية بتواجد اكثر في سوريا لكشف المخططات المعادية للنظام
2 إبقاء المبادرة السوریة في لبنان، والإبقاء على إخفاء صفة الشرعیة لدخول الجیش السوري إلى لبنان
3 قیام نشاط إعلامي سوري عربي من أجل إنجاح الدور الأمریكي السوري في لبنان
4 تأخذ سوریا على عاتقھا وضع المقاومة تحت سلطاتھا وضرب الیسار في الداخل والخارج
5 تتعھد أمریكا لسوریة بعدم تحرك إسرائیل على الجبھة السوریة، تمكینا لًسوریة من تنفیذ عملھا في لبنان جریدة الجماھیر•“
ولذلك كان دخول الجیش السوري إلى لبنان إنقاذا لًلموارنة من ھزیمة عسكریة، كما كان تحجیما لًدور منظمة التحریر والقوات الوطنیة في لبنان وقابل زعماء الموارنة موقف الوحش منهم بالارتياح والرضى
في 16/6/1976 نقلت ذلك جريدة الاهرام تصريحا لكميل شمعون " لقد اتفقنا مع سوريا على خطط ترضينا" , وبعدها بشهر ونصف في 9/8/1976 نقلت وكالات الانباء بأن كميل شمعون وزير داخلية لبنان وصل الى دمشق للتباحث مع حلفائه السوريين ولتنسيق العمل العسكري في لبنان ضد المقاومة والقوات التقدمية , و اعلن شمعون في انه يثق ثقة كاملة بالرئيس السوري , اما بيار الجميّل فقد صراخ في بيروت ان سورية الدولة الوحيدة القادرة على فرض السلام في لبنان.
وكانت امريكا و اسرائيل تؤيدان بشدة التدخل السوري في لبنان , فقد نقلت وكالة الانباء الفرنسية في 29/1/1976 عن متحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية "ان الولايات المتحدة تعترف بأهمية الدور الذي تقوم به سوريا بالنسبة لتسوية الازمة اللبنانية" , و نقلت وكالة (يونايتد برس) من واشنطن في 27/1/1976 (وزارة الخارجية الامريكية اكدت انها تقوم بنقل رسائل من الكيان الصهيوني الى سوريا حول الجنوب اللبناني و اوضحت صحف اسرائيل ان سوريا اكدت لمسؤولين امريكيين ان وجود قواتها في الجنوب انما يستهدف المقاومة واليسار اللبنانيين.
بل ان حافظ الوحش نفسه قال في خطاب له في 20/7/1976 "ان امريكا أيدت تدخل سوريا المسلح في لبنان" و قال القذافي في تصريح لجريدة البيان الكويتية في 17/6/1976 بأن هناك مؤامرة عربية و دولية ضد المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية في لبنان وقد وقع الاختيار على النظام السوري لتنفيذ هذه المؤامرة .
ونشرت مجلة التايم الامريكية في 8/9/1976 مقالة بعنوان (اسرائيل تشارك بحرب لبنان سرا) قالت فيه ان هنالك تفاهم غير معلن بين اسرائيل و النظام السوري على ان يسحب الاسد قواته من الجبهة و ينقلها تدريجيا الى لبنان و حدود العراق .
و من المتجليات مجيء الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون عام 1974 و سبقه مجيء وزير الخارجية الامريكي اليهودي هنري كيسنجر الذي تكررت زياراته لسوريا 12 زيارة خلال شهور واحد قبل مجيء الرئيس الامريكي 
من اليمين للشمال :هنري كسنجر - حافظ الوحش - ريتشارد نكسون



ونشرت مجلة التايم الامريكية في 8/9/1976 مقالة بعنوان (اسرائيل تشارك بحرب لبنان سرا) قالت فيه ان هنالك تفاهم غير معلن بين اسرائيل و النظام السوري على ان يسحب الاسد قواته من الجبهة و ينقلها تدريجيا الى لبنان و حدود العراق .
و من المتجليات مجيء الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون عام 1974 و سبقه مجيء وزير الخارجية الامريكي اليهودي هنري كيسنجر الذي تكررت زياراته لسوريا 12 زيارة خلال شهور واحد قبل مجيء الرئيس الامريكي , الذي كتب في مذكراته واصفا حافظ " إن اسد تخطى كل توقعاتي من خلال ما اخبرني به كيسنجر حوله , و كان الاسد غامضا و يضحك بسهولة , واذا تجنب الاغتيال او الاطاحة به فإننا يمكننا الاعتماد عليه" و يستمر قائلا " لقد لاحظت زوجتي بأن رأس الاسد مسطح من الخلف و ربما لأنه نام على ظهره وهو صغير" و كان افضل وصف وصف نكسون حافظ به هو كلامه في نفس المذكرات "انني مقتنع بأن اسد سيستمر في مواقفه المتصلبة و لكن في السر فإنه سيتبع المثل العربي الذي اخبرني به في احد اللقاءات وهو ان الاعمى الذي يرى بعين واحدة افضل من أن لا يرى على الاطلاق , لقد ترك اسد لدي انطباع دائم في هذا المجال" ,فأي رئيس هذا الذي يخشى عليه نكسون من الاغتيال ؟؟
قال مراسل الواشنطن بوست باتريك تايلور في 5/3/1994 في نهاية تقرير له "إن الحليف الاكبر لحافظ هو شامير , على حد قول مسؤول غربي , لأنه يعلم ان شامير لن يتحرك ضده ,  و حليف شامير الاعظم هو حافظ لنفس السبب".
و يقول الكاتب و الصحفي السوري تمام البرازي في كتابه (ملفات  المعارضة السورية) "في ندوة عقدتها مؤسسة الاميركان انتربرايز في واشنطن في التسعينات عن نظام حافظ , كان المدافع عنه هو باتريك سيل وهو موظف سابق في مكتب المخابرات البريطانية MI5  , ودافع عنه دفاع يندر ان يدافعه أي صحافي غربي , فقام بعد انتهائه بمشادة مع موشي معاز وهو من وزارة الدفاع الاسرائيلية , انتهت بأن سأل باتريك سيل بانزعاج  معاز قائلا : كيف يمكنك ان تكتب كتابا عن حياة الاسد و انت لم تقابله ؟ فابتسم معاز و قال : ومن اخبرك بأنني لم التق بالأسد ؟فليس كل لقائته معلنة ,وسيكون كتابي افضل من كتابك لأنني اتناول الناحية الانسانية للأسد !"
ويقول حمود الشوفي (وهو درزي تم ابعاده مع بقية الدروز الذين لم يتم تقاسم كعكة السلطة معهم بعد انقلاب 1966) :بعد ان اصبح مبارك رئيسا كنت مع بعض السياسيين السوريين مع مسؤول مصري كبير , وابدى تعاطفه مع الشعب السوري , وسألنا :ماالمطلوب من مصر ؟ فأجابناه بوقف المعونات المالية  للنظام السوري , واستمهل عدة ايام و سافر لاحدى الدول العربية و عندما عاد قال : إن امريكا تصر على ان تستمر المعونات العربية لسوريا.
و ترى أمريكا ان مد نظام اسد بالمعونات من شأنه ان يخفف من غلوء الاسد و يزيد من اعتداله في التحول للعملية السلمية , و الولايات المتحدة لا تقوم بذلك من عبث , فهي تدرك ان الشعب السوري لو حصل على حريته فسوف يجعل هذا الامر منه ماردا تصعب السيطرة عليه .
و كتب احد الكتاب الصهاينة وهو (إيال زيسر) كتابا بعنوان (بإسم الأب) عن بشار الاسد و توقعاته عنه , و القارئ لهذا الكتاب دون ان يعرف من هو كاتبه ليساوره الظن بأن كاتبه هو احد المؤيدين للنظام السوري لشدة ما يعظم فيه من شأن حافظ و توجيهات مبطنة لبشار ابنه عن كيفية التعامل مع اسرائيل و حكم الشعب السوري.
 ولا يخفى ايضا ان امريكا كانت تستعين بخبرة سوريا في تعقب القاعدة وذلك بالتحديد بعد 2001 بعد حادثة تفجير برجي التجارة العالمية ,حيث قدمت سوريا الى الحكومة الامريكية اكثر من 300 الف وثيقة ومستند عن الحركات الجهادية في الشرق الاوسط كله ما اذهل الامريكيين انفسهم حتى انهم صرحوا في اكثر من مناسبة ان المعلومات السورية انقذت حياة الالاف من الامريكيين و المصالح الامريكية , وربما تصريح مايكل شوير الذي عمل في CIA اكثر من 20 سنة و ترأس فريقا لبحث عن بن لادن لاذاعة الBBC في 1/2/2005 قائلا ان هناك صفقة امنية بين امريكا و سوريا لنقل المعتقلين من غوانتانامو الى سوريا لتعذيبهم و استخراج الادلة منهم للحصول على اعترافات حول القاعدة .كما نشرت مجلة التايم تقريرا سريا للمخابرات الالمانية بتاريخ 15/11/2006 يفيد بأن CIA استخدمت سجنا سوريا يسمى سجن فلسطين سيء السمعة و ذكر التقرير ان مهندس الاتصالات السوري (ماهر عرار) الكندي الجنسية كان معتقلا في هذا السجن بعدما تم اعتقاله في امريكا في مطار جون كنيدي و تم ترحيله لسوريا ليوقع فيها اعترافا بانضمامه لمعسكرات المجاهدين في افغانستان , وفي مناسبة اخرى قامت امريكا بتسليم سوريا مصطفى الست مريم الملقب (ابو مصعب السوري) لسوريا ثمنا للتعاون الاستخباراتي بين البلدين بعد 11/9 . وغير ذلك نت تصريحات لوزير الاتصالات السوري السابق عمرو سالم لقناة سكاي نيوز البريطانية بتاريخ 24-7-2006م: "نعلم أين هي مواقع القاعدة ونستطيع إبلاغكم بذلك.

حافظ الوحش و جورج بوش الاب



الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

الدروز و التاريخ المخفي




كان للدروز (كشأن كل الاقليات الباطنية) حلم بتشكيل دولة مستقلة لهم  مثل النصيريين , و حصل هذا فعلا خلال الانتداب الفرنسي . و كانت عصياناتهم كثيرة جدا على الدولة العثمانية (شأنهم شأن النصيرية) ما انهك الدولة العثمانية وذلك بسبب دعم البريطانيين لهم.
فأيام الغزو المغولي تحالف الامير (جمال الدين) الدرزي مع القائد المغولي كتبغا ابن هولاكو عندما دخل دمشق ,وعندما جاء المماليك بقيادة الظاهر بيبرس رأى الدروز (كما يفعل الباطنيين) ان لا يضعوا بيضهم في سلة واحدة فقاموا بإرسال (الامير زين الدين) مع المماليك (1) و بعد انتصار المماليك لم يتعرضوا لمناطق الدروز, لكن بيبرس كان متشككها منهم فما ان وصله خبر اتصال امراء الدروز بوالي طرابلس الصليبي أمر بسجنهم ليتفرغ للصليبيين (2) قائلا بأنه لن يفرج عنهم و لا يؤذيهم حتى يفتح يفتح طرابلس و بيروت و صيدا (3) . وقد تم تسليم مدينة صيدا من قبل واليها الدرزي (عضد الدولة التنوخي) للصليبيين عام 504 هـ /1110 م الذين لم يواجهوا أي مقاومة تذكر اثناء مرورهم بالمناطق الدرزية اثناء زحفهم نحو بيت المقدس , بل انه في عام 528 هـ/1134 م قام الامير (بحتر بن شرف الدولة) امير التنوخيين بتهيئة سقوط غرب لبنان للصليبيين بسبب اما مهادنتهم احيانا والابتعاد عن محاربتهم او الوقوف ضدهم احيانا اخرى (4) .
في عام 1022هـ /1613 م ارسل العثمانيون حملة لتأديب الامير الدرزي (فخر الدين المعني الثاني) الذي كان يثير الحروب المحلية ضدها دوما ,خاصة بعد ان عقد اتفاقية مع دوق توسكانا الايطالي , فهرب (وهو الوالي المعين من قبل الدولة نفسها) الى اوربا تحت حماية سفينتين هولندية و فرنسية و سعى جاهدا في ايطاليا للحصول على تمويل من الفاتيكان واسبانيا و فرنسا لمحاربة العثمانيين لكنه لم ينجح (5) , وكان يعطف على الارساليات النصرانية في لبنان و فلسطين ويوصى بيها خيرا ما جعل الاوربيين يسمونه (حامي النصارى في الشرق) خصوصا تحالفه مع الموارنة هو ما قوى مركزه السياسي لاحقا مع اوربا .
ولم ينتهي الامر وقتها ,فقد كان تحالفهم مع البريطانيين من اجلى رموز الخيانة وابرزها في العصر الحديث ,في عام 1841 اعلنت بريطانيا حمايتها لمصالح الدروز في المنطقة  وقد وقفت معهم في تمردهم على الدولة العثمانية عام 1851 عندما رفضوا دفع الضرائب للدولة العثمانية و تدخلت بريطانيا لدى الباب العالي وحلت قضيتهم سليما , الامر الذي شجع الدروز لاحقا للاعتداء على جيرانهم المسلمين في قرى حوران عام 1880م دون خوف من العثمانيين  ,فقد هجم الدروز على قرية (الكرك و ام ولد) و ذبحوا سكانهما عن بكرة ابيهم , فسيقت حملة بقيادة (حسين فوزي باشا) قامت بجمع ديات القتلى فقط وذلك بالتقسيط و قسمت المنطقة الى 8 اجزاء (6) ,يقول مدحت باشا في مفكرته عام 1297 هـ/1880 "والذي زاد الطين بلة ان فرنسا تحمي المورانة و انجلترا تتشيع للدروز ,فلما أخذت الدولة اهبتها لتأديب الدروز قام سفير بريطانيا في استانبول يشتكي لدى الباب العالي ,فاصدرت الاوامر بأن تحل المشكلة سلميا"(7).
لم تكن حوران مركز ثقل للدروز فقد كانت نسبتهم فيها 12% فقط بل انه حتى  جبل الدروز الحالي ليس موطنا حقيقيا للدروز ,فبعد معركة عين دارة زادت هجرة الدروز الى حوران من لبنان, واجتمعوا تحت امرة بني حمدان و آل الأطرش ,فأخذوا يحاربون المسلمين و النصارى حتى استقلوا بالجبل تماما واخذوه لهم في عام 1860م ,واخذوا يغيرون بين الفترة والفترة على غوطة دمشق و حوران والمرج والناس يتخوفون منهم(8).فأرسلت الدولة عليهم (سامي باشا الفاروقي) الذي قتل منهم الف رجل واعدم بعضهم في دمشق و كان الصدر الاعظم العثماني امر بإنهاء عمل تلك العصابات فاعتقل الكثير منهم ونفي آخرون و اعد البعض ومنهم كان والد سلطان الأطرش , وقال سلطان الاطرش عن تلك الفترة بأنها (الخروج عن الخلافة و الكفر بالإسلام)(9) وقد حاولت الدولة اصلاح شأنهم وفت المدارس و نشر التعليم بينهم ,لكن لم يفد ذلك كثيرا حيث انهم كانوا يطالبون بالاستقلال دوما بحوران وذلك بمساعدة الانجليز (10) .
وبالنسبة للفرنسين فقد كان الجنرال الفرنسي غورو يتخذ حرسه الخاص من الدروز عن واسطة زعيمهم (متعب الأطرش)(11) وقد عين الفرنسيون (سليم بن يحيى الاطرش) حاكما على الجبل وهو الذي كان قبل ذلك معين من قبل العثمانيين قائدا في الجيش هناك ومسؤولا عن الجبل, فأسسوا لهم دولة ووضعوا لها علما وانشأوا مجلسا مضحكا معظم اعضائه اميين (12) ,وبالطبع لم يكن سلكان باشا الاطرش الا احد موظفي بريطانيا ومواليا شديدا لها . و كانت الثورة ضد الفرنسيين سببها ان فرنسا خرقت التقاليد الدرزية بعد ان قبضت على احد الدروز (ادهم الخنجر) الذي حاول اغتيال غورو  عام 1921 و ايضا نفي المندوب السامي (ساراي) لبعض زعمائهم الى تدمر ومحاولة القبض على سلطان الذي استنفر جماعته و بدأت المناوشات بينهم وبين الفرنسيين في تلك السنة ودخلت لاحقا في خضم الثورة السورية الكبرى عام 1925 ما جعل سلطان يهرب للاردن ,لكن لاحقا انقلب قادة الدروز ضد الثورة واعلنوا انضمامهم للفرنسيين (13) وتلك عادة الباطنيين في الغدر .

(1)    الحركات الباطنية في العالم الاسلامي ص 218
(2)    المرجعا لسابق 113-114
(3)    التنوخيون :اجداد الموحدين الدروز /نديم حمزة ص 110 ,دراسات في الفرق –عبدالله الامين ص 161
(4)    المصدر السابق ص 81-82-89 , اثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين :يوسف ابراهيم الشيخ عيد ص258-259
(5)    تاريخ الموحدين الدروز السياسي ص 133-136
(6)    خطط الشام –محمد كرد علي 3/102
(7)    المصدر السابق ص 103
(8)    المصدر السابق 107
(9)    1تاريخ سوريا "نهاية الحكم التركي" د.علي سلطان ص 110-115
(10)الحركات الباطنية في العالم الاسلامي .د.محمد احمد الخطيب ص 221
(11)تطور الحركات الوطنية في سوريا : د.ذوقان قرقوط ص 64
(12)المرجع السابق ص 48-49 ص66 .
(13)الصراع العربي الاسرائيلي ص55-57 و ص 60-61 وتطور الحركة الوطنية في سوريا ص 94

الاثنين، 24 سبتمبر 2012

الدروز و الخطر الكامن – العقائد المخفية




الدروز هم احد الطوائف الباطنية التي تعيش في جنوب سوريا في السويداء والجولان و الشوف لبنان و قليل منها في شمال فلسطين , وانشقت هذه الطائفة عن الاسماعيلية ايام الحاكم بأمر الله الذي ادعى الالوهية عن طريق حمزة بن علي الزوزوني (من زوزون في خراسان بفارس) , ومن معتقدات هذه الطائفة تأليه الحاكم بأمر الله و الذي عرف عنه الكثير من النزعات الغريبة مثل ادعاء النبوة ثم الالوهية و امره ببسلمة اسمه بدلا من الله في الخطب حيث اجبر الناس على قول (بسم الله الحاكم المحيي المييت) (1) و امر بسب الشيخين على المنابر و كتابة ذلك ونحته على المساجد و المقابر (2), وكان يطلق شعره و اظافره لتطول احيانا و يحب المشي ليلا مع حراسته في الشوارع و غير ذلك من الامور العجيبة وكانت هذه الامور من اهم ما جعلت الدروز يعتقدون بألوهيته لأن تصرفاته لها ظاهر و باطن و المعروف للانسان العادي هو الظاهر اما الباطن فهو من اختصاص الدروز وحدهم (3). و قد نشر دعوته  بداية محمد بن اسماعيل المعروف ب(نشتكين الدرزي) و غضب عليه حمزة بن علي لاستعجاله في نشر الدعوة و كذلك لتحريفه رسالته بغرض تنفير الناس من حمزة بن علي فامر حمزة بقتله وجماعته (4)  , و من احد معتقدات الدروز الصلاة الاسبوعية يوم الخميس لانه يصادف يوم مولد حمزة بن علي و الحاكم بأمر الله . ةقد ثار اهل مصر عليه مما اضطره للاختباء و ارسال الدعاوي السرية من معكتفه  و كان هذا الاختفاء بعلم الحاكم و ذلك خوفا من ثورة الناس عليه فكان يدعمه ماديا ومعنويا (5) , وبعد اغتيال الحاكم على يد اخته هرب الزوزني لبلاد الشام و استقر في وادي التيم حيث يكثر اتباعه و هلك فيها (6) كما يعتقد الدروز بعدم موت الحاكم وانه سيعود يوما ما
مع جيش قوامه مليونين ونصف مليون محارب من يأجوج و مأجوج يدخلون مكة ويقتلون من هو ليس على مذهبهم و من يبقى يعيش في ذل وهوان وهم لا يؤمنون بجنة او نار او يوم حساب او عقاب و يؤولون كل منها تأويلا باطنيا ,فيوم الحساب هو نهاية مراحل الاراوح و تطورها و يظهر فيها الحاكم (7) و الجنة هي العلم والمعرفة والعقل و النار هي الجهل و عدم ادراك الوهية الحاكم .
و قد ورد في احد رسائلهم ان الرسول عليه الصلاة والسلام قد طمس الرسالة و لم يبلغها و طمس معالمها بالظلم و الإبلاس و جميع اصحاب الشرع فعلى هذه السنن يجرون (8) وربما لذلك لا تجد منهم من يسمى بإسم (محمد ) او (احمد) . وكسائر الحركات الباطنية فإن هذه الديانة تستلزم على اتباعها السرية و فيها ما فيها من الخلوات ,ففيها ان الرجل منهم لا يطلع على اسرار العقيدة الا بعد سن ال40 بعد امتحان شاق و عسير لسنين حتى يثق به المشايخ المسمية ب(العقال) ويطلعوه على بعض اسرار الدين (9) وينقسم المجتمع فيهم الى جهال و عقال و العقال ينقسمون الى رؤساء وعقلاء واجاويد  و هناك طبقة المتنزهون الذين لا يتزوجون ولا يأكلون لحما ويصومون كل يوم و ينزهون انفسهم عن الفاظ الفحش والبذاءة (10).
حاول بعض الناس نشر  اسرار الديانة الدرزية لكنهم جوبهوا بالتهديدات بالقتل و الشتائم فهم لا يسمحون للغير بأن يبحث في حقيقة دينهم , كما حدث للشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض الذي عندما بدأ بكتابة بضعة حلقات في مجلتي المنهل و راية الاسلام التي تصدر في جدة و الرياض(11) , وكما حصل مع محمد الخطيب الذي توالت عليه مكالمات هاتفية تهدده بالقتل و جمعوا ما يستطيعون من كتابه (عقيدة الدروز عرض و نقض) و ما حدث ايضا مع الدكتور عبدالرحمن البدوي ففي كتابه (مذاهب الاسلاميين)  (12) بل ان حتى الدروز منهم مثل عبدالله النجار الذي كان يدافع عن هذه الديانة عندما نشر كتابه (مذهب الدروز و التوحيد) جمعوا كتبه واحرقوها و اغتالوا النجار لاحقا (13) . و من كتبهم  (رسائل الحكمة) لحمزة التميمي و بهاء الدين الدرزي , و كتاب (النقط و الدوائر) الذي طبع في البرازيل عام 1920 , وهناك مصحف للدروز اسمه ( المصحف المنفرد بذاته) يعتقد ان كاتبه كمال جنبلاط الذي تعاون مع (عاطف العجمي)  في كتابته (وقال عنه الاخير بأنه يكاد يفوق بلاغة القرآن! ) و كتب بخط ( الشيخ عبدالخالق ابي صالح) (14) وهو تلفيق من القران و الحكم اليونانية والهندية  وتسمى السور فيه ب(الاعراف) تماشيا مع ما يطلق على الدروز ب(كنت بالأعراف ووصفت بالأشراف) .

(1)    خطط الشام – محمد كرد علي 6/263
(2)    الحاكم بأمر الله و أسرار الدعوة الفاطمية – محمد عبدالله عنان ص76
(3)    الحركات الباطنية في الاسلام – مصطفى غالب ص 241
(4)    مذهب الدروز و التوحيد – عبدالله النجار ص 114
(5)    أضواء على مسلك التوحيد – سامي مكارم ص 72-73
(6)    الحركات الباطنية في العالم الاسلامي – د.محمد الخطيب ص 214-215
(7)    مذهب الدروز و التوحيد : عبدالله النجار ص 81
(8)    الحركات الباطنية في العالم الإسلامي – د.محمد الخطيب ص 303
(9)    الرحكات الباطنية للخطيب ص 286 و الدكتور عبدالمنعم النمر ص 260
(10)خطط الشام 6/ 266-267
(11) مخطوطة حسر اللثام عن الإسلام رقم 697 الجامعة اليسوعية بيروت
(12)مذهب الدروز و التوحيد ص 8
(13) الحركات الباطنية في العالم الاسلامي 299
(14) ايها ادرزي عودة الى عرينك / ص 49 , الحركات الباطنية في العالم الاسلامي ص 314